كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الأعلى، وله من حديث يحيى ابن عبد الحميد قال: حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} [111: 1] جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال أبو بكر: يا رسول الله: لو تنحيت عنها لا تسمعك شيئا يؤذيك، فإنّها امرأة بذيئة، فقال صلى الله عليه وسلم: سيحال بيني وبينها، فلم تره. فقالت لأبي بكر: هجانا صاحبك، فقال أبو بكر: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله، قالت، إنك لمصدق، فاندفعت راجعة فقال أبو بكر: ما رأتك يا رسول الله؟ قال: كان بيني وبينها ملك يسترني حتى ذهبت.
قال أبو نعيم: كذا رواه ابن فضيل مرسلا، ورواه عبد السلام بن حرب وغيره متصلا عن ابن عباس.
وله من حديث سفيان بن عيينة قال: حدثنا الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: لما نزلت: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} [111: 1] أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة، وبيدها فهر وهي تقول:
مذمما أبينا ** ودينه قلينا

وأمره عصينا

ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فلما رآها أبو بكر قال يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
إنها لن تراني وقرأ قرآنا فاعتصم به، كما قال تعالى: {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجابًا مَسْتُورًا} [17: 45]. فأقبلت وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالت: يا أبا بكر، إني خبّرت أن صاحبك هجاني، فقال: لا ورب هذا البيت ما هجاك، فولّت وهي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها.
قال: وعثرت أم جميل وهي تطوف بالبيت في مرطها فقالت: تعس مذمم، فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب: إني حصان فما أكلّم، وثقاف فما أعلم، وكلتانا من بني العم، ثم قريش بعد أعلم.
وله من حديث إبراهيم بن سعد وبريد بن أبي حبيب، وشعيب ومعاوية ويحيى وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وعبيد الله بن زياد، كلهم عن محمد بن شهاب الزهري عن سنان بن أبي سنان الدّؤليّ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم غزوة نجد، فأدركنا القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها.
قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، قال: فشام السيف، ها هو ذا جالس لم يعرض له رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ورواه أبو اليمان قال: حدثنا شعيب عن الزهري، حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد الله الأنصاري أخبرهما أنه غزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة يوما في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة فعلق بها سيفه فنمنا تحته كذا، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعونا فأجبناه، فإذا عنده أعرابي جالس فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، فشام السيف فجلس فسلم بعافية رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد فعل ذلك.
قال أبو نعيم: ورواه الحسن عن جابر، ورواه معمر والنعمان بن راشد عن الزهري عن أبي سلمة دون سنان. ومن حديث شعبة عن أبي إسرائيل عن جعدة قال: شهدت النبي صلّى الله عليه وسلم وأتى برجل فقيل: يا رسول الله! هذا أراد أن يقتلك، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم ترع لم ترع، لو أردت ذلك لم يسلطك الله على قتلي. وخرجه الإمام أحمد به نحوه. ولأبي نعيم من حديث عبد الله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة قال: قال شيبة بن عثمان: لمّا غزا النبي صلّى الله عليه وسلم حنينا تذكرت أبي وعمي قتلهما عليّ وحمزة رضي الله عنهما، فقلت: اليوم أدرك ثأري في محمد، فجئته من خلفه فدنوت منه ودنوت، حتى لم يبق إلا أن أسوره بالسيف، رفع لي شواظ من نار كأنه البرق، فخفت أن يحبسني، فنكصت القهقرى فالتفت النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: تعالى يا شيبة، قال: فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده على صدري فاستخرج الله الشيطان من قلبي، فرفعت إليه بصري وهو أحب إليّ من سمعي وبصري ومن كذا فذكر الحديث.
ومن حديث ابن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحرث قال لقومه: أقتل لكم محمدا، قالوا: كيف تقتله؟ فقال: أفتك به، فأقبل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم- وهو جالس وسيفه في حجره- فقال: يا محمد! انظر إلى سيفك هذا؟ قال: نعم، وكان محلى بالفضّة، فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم فيكبته الله، فقال: يا محمد! ألا تخافني؟ قال: لا، وما أخاف منك، قال: أما تخافني وفي يدي السيف؟
قال: لا، يمنعني الله منك، ثم غمد السيف ورده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [5: 11].
ومن حديث سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: خرج النبي صلّى الله عليه وسلم إلى سفر فجاء إلى شجرة فقال تحتها وعلق سيفه بها، فجاء أعرابي فسلّ السيف فقام به على رأسه فقال: يا محمد! من يمنعك مني؟ فاستيقظ فقال: الله، فأخذه راجف فوضع السيف وانطلق. وخرج الإمام أحمد من حديث عفان قال: حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، وكنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فأخذ سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فاخترطه، فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: أتخافني؟ قال: لا، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله يمنعني منك، قال: فتهدده أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه.
ولأبي نعيم من حديث آدم بن أبي إياس قال: حدثنا حبان بن علي، حدثنا سعد بن طريف الإسكاف عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة أبعد المشي، فانطلق ذات يوم لحاجته ثم توضأ ولبس أحد خفيه، فجاء طائر أخضر، فأخذ الخف الآخر فارتفع بها ثم ألقاه، فخرج منه أسود سالخ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هذه كرامة أكرمني الله بها، ثم قال: اللَّهمّ إني أعوذ بك من شر من يمشي على بطنه، وشر من يمشي على رجلين، وشر من يمشي على أربع.
ومن حديث إسماعيل بن عباس عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخفيه يلبسهما، فلبس أحدهما ثم جاء غراب فاحتمل الآخر فرمى به، فخرجت منه حية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما ومن حديث المعتمر بن سليمان عن أبيه، أن رجلا من بني مخزوم قام إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وفي يده فهر ليرمي به رسول الله، فلما أتاه وهو ساجد رفع يده وفيها الفهر ليدفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيبست يده على الحجر فلم يستطع إرسال الفهر من يده.
فرجع إلى أصحابه فقالوا: أجبنت عن الرجل؟ قال: لم أفعل، ولكن هذا في يدي لا أستطيع إرساله، فعجبوا من ذلك، فوجدوا أصابعه قد يبست على الفهر، فعالجوا أصابعه حتى خلصوها، وقالوا: هذا شيء يراد.
ومن حديث علي بن عبيد عن النضر بن عبد الرحمن أبي أبي عمرو الخزاز، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتى تأذّى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه، فإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم عمي لا يبصرون.
فجاءوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا: ننشدك الله والرّحم يا محمد، قال: ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنّبيّ صلّى الله عليه وسلم فيهم قرابة- فدعا النبي صلّى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم فنزلت {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [36: 1- 3] إلى قوله: {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [36: 10]، قال: فلم يؤمن من أولئك النفر أحد.
ومن حديث أبي شيبة الواسطي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا من آل المغيرة قال: لأقتلن محمدا فأوثب فرسه في الخندق، فوقع فاندقت رقبته وقالوا:
يا محمد، ادفعه إلينا نواريه وندفع إليك ديته، فقال: ذروة، فإنه خبيث، خبيث الدية.
ومن حديث ابن إسحاق قال: وحدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس والحسن بن عمارة، عن الحكم بن عيينة عن مجاهد عن ابن عباس قال: لما عرفت قريش أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا أصابوا منهم منعة، فحذروا خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة- وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها، يتشاورون ما يصنعون في أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين خافوه.
فلما اجتمعوا لذلك في ذلك اليوم الّذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى الزحمة، اعترض لهم إبليس في هيئة رجل شيخ جليل عليه بت له، فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابهم قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأي ونصح، قالوا: أجل، فادخل فدخل معهم.
فذكر الحديث إلى أن قال: اجتمعوا له وفيهم أبو جهل، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده، قال: وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات: {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [36: 1- 2] إلى قوله: {فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} [36: 9]، حتى فرغ من هؤلاء فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.
فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما ينتظر هؤلاء؟ قالوا: محمدا، قال:
خيبكم الله!! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته، أفلا ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب، الحديث، وسيأتي مبسوطا في ذكر خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة ونزوله على الأنصار.
وقال الواقدي: حدثني قدامة بن موسى عن عبد العزيز بن رمانة عن عروة بن الزبير قال: كان النضر بن الحرث يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويتعرض له، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما يريد حاجته نصف النهار وفي حر شديد، فبلغ أسفل ثنية الحجون، فرآه النضر بن الحرث فقال: لا أجده أبدا أخلا منه الساعة فأغتاله.
قال: فدنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم انصرف راجعا مرعوبا إلى منزله، فلقى أبا جهل فقال: من أين الآن؟ قال النضر: اتبعت محمدا رجاء أن أغتاله وهو وحده ليس معه أحد، فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه، فاتحة أفواهها فهالتني، فذعرت منها ووليت راجعا، فقال أبو جهل: هذا بعض سحره.
وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه، أن عتبة وشيبة وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحرث، وأبا البختري والأسود بن عبد المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، اجتمعوا ومن اجتمع منهم بعد غروب الشمس على ظهر الكعبة فقال بعضهم إلى بعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه.